Lingua   

Η σονάτα του σεληνόφωτος

Yannis Ritsos / Γιάννης Ρίτσος
Pagina della canzone con tutte le versioni


الترجمة العربية / Αραβική μετάφραση / Traduzione araba / Arabic t...
Yuèguāng zòumíngqǔ / 月光奏鸣曲

(春天的黄昏。老宅的大屋。一位身着黑衣的中年女子在和一位
年轻男子讲话。他们没有开灯。月光通过双方的窗户残酷地照着。
我差一点忘了告诉你这位黑衣女曾经发表过两三本有趣的带有神性
意味的诗集。这样,黑衣女正在对这位年轻男人说道):


让我和你一起走。啊,今晚的月亮!
月亮真仁慈──你看不出
我的头发已经变白。月亮
将我的头发又变成金子。你分不清有何不同。
让我和你一起走。

有月亮时,屋内的阴影渐渐增长,
无形的双手拖拽窗帘,
鬼魂般的手指把被遗忘的话语写入钢琴上的
尘土中──别说这些。嘘,别出声。

让我和你一起走
再往前一点点,直到那砖瓦场的院墙,
直到道路的转折处,而城市显得
有形且虚幻,被月光清洗,
如此漠然且不实在
如此肯定,像是空谈,
最终你可以认为你存在,同时你并不存在,
你从未存在,时间与毁灭一起从未存在。
让我和你一起走。

我们将在这矮墙上坐一会儿,然后登上山岗,
微微的春风在我们周围吹拂
也许我们还会想象我们在飞翔,
因为,经常,尤其现在,我听到自己裙子的响声
像是强有力的双翼扇动,
当你把自己关进飞行的声音
你感到你的喉咙,肋骨,你的肉体紧压的陷阱,
收缩在碧蓝天空的威力当中,
天堂的胆量当中,
这使得你来去无异
使得我的头发变得苍白但无关紧要
(这不是我的忧愁──我的忧愁是
我的心没有变得苍白)。
让我和你一起走。

我知道我们各自孤独地为爱旅行,
孤独地为欢乐和荣光,为死亡。
我知道的。我努力了。但是没用。
让我和你一起走。

这所房子闹鬼,它折磨我──
我是说,它非常老了,钉子也松了,
悬挂的肖像落下如撞入空虚之中,
灰泥垮下没有声息
如死人的帽子从黑暗走廊的挂帽栓上掉落
如旧的毛手套从膝盖静默地滑下
又如一束月光落在陈旧的,掏空的扶椅上。

甚至连它也曾经是新的──不,不是那些你如此怀疑地盯着的照片──
我说的是扶椅,非常舒服,你可以长时间坐在上面
闭上眼梦见任何来到你头脑中的
── 平滑,湿润,在月光中闪烁的海滨沙滩,
比我每月到街角擦鞋铺上光的黑漆旧皮鞋还亮,
要么一次在自己呼吸中摇晃着沉入海底的渔船的航行,
三角帆恰似斜角对折的手帕
仿佛无从合拢也无从紧握,
或为道别而鼓起。我总为手帕如痴如醉,
不把任何东西包在里面系起来,
比如花种,或日落的旷野簇拥的柑菊,
也不是打上四个结像街对面建筑工地上工人们戴的帽子,
或者用它轻拭我的双眼──我把自己的视力保持得很好;
我从不戴眼镜。一种奇怪念头,那些手帕。

现在我把它们叠成四分之一,八分之一,十六分之一
让我的手指有事做。现在我回忆起当我去音乐厅
和一条蓝围裙,白衣领,两条金发辫子一起
──八分之一,十六分之一,32,64, ──
和我的一个小朋友手牵手,桃色,通亮,如采摘的花朵,
(请原谅,我离题太远了──是坏习惯)──32,64──我的家人
对我的音乐才能寄予厚望。但是我在告诉你有关这把扶椅的事──
掏空的──露出生锈的弹簧,还有填塞物──
我考虑着送到隔壁的家具店,
但是何时,花多少钱,还有做这事的感觉──先修哪里?
我想扔一条被单盖在上面──我担心
一条在如此充沛的月光里的白被单。人们坐在这里
做着美梦,如同你也如同我。
现在他们修生养息于土地之下,那里雨和月光都不能打扰他们。
让我和你一起走。

我们会在圣尼古拉斯教堂的大理石台阶上稍作停留,
然后你应该走下来我也应该往回走,
像是不经意的触碰,你的温情在我的左边存留,
甚至是一些方形晃动的光,来自穷邻居们的小窗,
从月亮而来的纯白薄雾像一大队银色的天鹅──
我并不担心用这种表现方式,因为
好几次在春天傍晚,我曾经与现身的神交谈
他披着雾霾和这样的月光之荣耀;
很多个年轻男人英俊甚至胜过你,使我为神做出了牺牲──
我溶化了,如此洁白,在如此无法企及的白色火焰之中,在月光的洁白中,
被男人们贪婪的目光燃烧,被青春踌躇的痴迷,
被非常棒的晒黑的身体围绕,被游泳、划船、田径和足球
(还有我假装不注意之事)中锻炼的旺盛的四肢,
前额嘴唇还有喉咙,双膝手指以及眼睛,胸,臂膀和大腿(我的确没看它们)
──如你所知,有时赞美时,你忘了你在赞美什么,你的赞美已足够──
我的神,星光闪烁的眼睛啊,我已上升为被迫远离星辰的神尊
因为,围绕,由内也由外,
除了向上走或向下,已无路可供我走。──不,这还不够。
让我和你一起走。

我知道现在已经很晚了。让我来,
因为这么多年,这么多日日夜夜和绯红的正午,我都独自一人,
固执,孤独,保持纯洁,
甚至我的婚床完美如初,孤寂,
书写着显赫的诗篇呈到神的膝下,
我向你保证诗篇将永存犹如凿入这无暇的大理石
超越你我的生命,完全超越,这还不够。
让我和你一起走。

我再也不能忍受这所房子了。
我不能忍受总是背负着它。
你必须始终小心,很小心,
用巨大的冲击支撑墙
用雕花的古董桌子支撑冲击
用椅子支撑桌子
用你的手支撑这些椅子
把你的肩膀放在悬着的房梁下。
还有钢琴,像盖着的棺木。你不敢打开它。
你得如此小心,非常小心,不然它们会倒下,不然你会倒下。我不能忍受。
让我和你一起走。

这所房子,除了它死去的部分,已没有去死的意图。
它坚持和它死去的一起活着
离开它死去的部分活着
离开它死去的部分的必然活着
坚持留着它为它的死,为腐烂的床以及架子。
让我和你一起走。

此时无论我多么轻柔地走在傍晚的薄雾中,
不管是赤脚还是穿着拖鞋,
总会有些声音:一块窗玻璃咔咔作响要么一面镜子,
还可以听见一些脚步声──不是我自己的。
外面,在街上,这些脚步声也许听不见──
据说,悔改是穿木鞋的──
如果你照这面镜子或那面镜子,
在灰尘和咔咔的响声后面,
你会洞悉你的脸更加黑暗和破碎,
你的脸,虽然你认为你生活的全部是去保持它的干净和完整。

水杯的边缘在月光下发着微光
像环形的剃刀──我怎能将它放到我的嘴唇?
无论我多么渴,我怎么放它?你明白吗?
我还沉浸在比喻的情绪中──至少它仍然留在我这里,
使我安心地认为我的才智还没用丧失。
让我和你一起走。

有时,傍晚降临,我有这样的感觉,
驯熊人带着他笨重的老雌熊经过窗外,
牠的皮毛盖满荆棘,
拖起邻街的尘土
一种焚香似的黄昏尘埃,如荒凉的烟云;
回家晚餐的孩童们不被允许再次出门,
尽管在墙后面他们仍然惦记着这头老熊沉重的步伐,
疲惫的熊在牠独居的智慧中穿行,不知去哪,不知为何──
牠长得沉重,再也不能用牠的后腿跳舞了,
不能戴着花边帽子去逗乐孩子们,懒汉和胡搅蛮缠的人,
牠能做的一切就是躺在地上
让人们踩踏牠的肚子,如此进行牠最后的游戏,
显示牠可怕的放弃的力量,
和牠对别人的兴趣、 对箍住她拱嘴的环套、对牠牙齿控制的漠不关心,
牠的对痛苦和生活的漠不关心
带着与死亡确信的共谋──甚至是缓慢的死亡──
牠最终的对死亡的漠然因为继续生活和认知生活
那些行动和认知超越了牠的奴役。

但是怎样能把这场游戏做到最后?
熊再次爬了起来继续进行
顺服于牠的拴脖带、牠的箍嘴环套、牠的牙齿,
用撕裂的嘴唇向美丽天真的孩童扔来分币微笑
(美丽正是因为天真)
并说谢谢你。因为熊到老
唯一学到的只是:谢谢你;谢谢你。
让我和你一起走。

这所房子让我窒息。尤其厨房
像海底。悬吊的咖啡杯隐约闪现
像不可能之鱼圆而大的眼睛,
餐具缓慢起伏如水母,
海藻和贝壳附着在我的头发里──之后我可以把它们拽下,
我不能再次回到水面,
盘子从我的手上默默地滑落──我沉下
看见我呼出的泡沫上升,上升,
看着它们我试图变换自己方向,
我在想,要是有人碰巧在上面看见这些泡沫会说什么──
也许有人溺水,或潜水员在探测海底?

事实上我已经不止一次地在那里,在溺水的深处发现
海难沉船的珊瑚、珍珠和财宝,
始料未及的遭遇,过去、现在、以及将来,
几乎永恒的确认,
呼吸的轮换,不朽的微笑,如人们所说,
一种幸福,陶醉,灵感甚至,
珊瑚、珍珠和蓝宝石;
只有我不知道如何去给予他们──不,我确实给了他们,
只有我不知道他们是否收到──可是仍然,我给了他们。
让我和你一起走。

等一会儿,让我带上我的外套。
在这种多变的天气下,我必须小心。
傍晚潮湿,是不是月亮
对你而言好像加重了寒冷?
让我把你的衬衣扣好──你的胸膛多么强壮!
──月亮多么强壮...我是说扶椅...当我把杯子从桌上拿开
一个寂静的洞被剩在下面。我马上用手掌盖住
免得看穿它。我把杯子放回它的原位;
月亮就是世界头盖骨上的一个洞──别往里看,
它的磁场会把你吸进去──别看,千万别看,
听我的──你会掉进去的。这种轻佻、
美丽、虚空──你会掉进去的──
月亮是大理石的井,
阴影和无声的翅膀搅动,神秘的表述──你听见了吗?

向深处,深处是跌落,
深处,深处是攀升,
空气的雕像绊在它向外伸展的翅膀中,
深处,深处是不为所动的沉默之仁──
战栗的光照在海滨对岸如同你晃动在自己的波浪中,
海洋的呼吸,晕眩是美丽
和轻飘──小心,你会倒下。别看着我,
对于我,我的职责就是摇晃──这壮丽的晕眩。因此每个傍晚
我都有些微的头疼,有些昏昏欲睡。

我经常溜出去到街对面的药店买几片阿司匹林,
但有时我太累了就呆在这里忍受着头疼
听墙内的水管发出空洞的声音,
要么喝点咖啡而且,总是心不在焉,
忘了,我倒了两杯──谁会喝这另一杯?
真有趣;我把它放到窗前让它冷掉
要么经常把两杯都喝了,盯着窗外药店的绿灯罩,
像一盏放行无声列车的绿色信号灯,将我带走
和我的手帕一起,我侧歪的鞋子、我的黑色钱包、我的诗篇,
根本没有行李──那会有何用?
让我和你一起走。

哦,你要动身走吗?晚安。不,我不去。晚安。
我要自己出去一会儿。谢谢你。因为最终我必须
走出这所破败的房子。
我必须看看这座城市──不,不,不是月亮──
这座带着它无情僵硬之手的城市,为了挣钱工作的城市,
以生计和它的武力发誓的城市,
把我们大家扛在它的背上的城市
带着我们的琐碎、卑微,罪过,和憎恨,
我们的野心,我们的无知和我们的老迈。
我需要听到城市伟大的步伐,
而不再听你的脚步
也不是神的脚步,甚至不是我自己的脚步。晚安。


(月亮慢慢变暗。看上去像是云藏起了月亮。就在这时,好像有人把收音机调到了下一格,一段极为熟悉的音乐响起。我这时意识到整个场景非常轻柔地伴着刚刚开始的“月光奏鸣曲”。带着一种释放的感觉,年轻男子现在必须走下坡去,他精细雕琢的嘴唇挂着一丝讽刺的,也许是同情的微笑。正因为他抵达了圣尼古拉斯教堂——在他走下大理石台阶之前——他会笑,大声地,无法控制地笑。月光下他的笑声听上去绝不会不体面。也许不体面正是不体面并不存在。很快男子会陷入沉思,变得严肃,说:“时代的衰败”。这样,再一次彻底冷静下来,他会再次解开衬衣继续他自己的方式。作为黑衣女,我不知道她是否最终走出这所房子。月亮又一次闪闪发光。屋子的角落里阴影带着悔恨越来越重,接近发狂,并非因为生活,更多是因为琐碎无用的忏悔。你听到了吗?收音机还在播放):

1956年6月,雅典

سُـونَاتَّا ضَوءِ القَمَـر


(ليلةٌ ربيعيَّة. غُرفةٌ كبيرةٌ في بيتٍ قديم. امرأةٌ في وسطِ العُمر، تَرتدي الأسوَد، تتحدثُ إلى شَاب. لم يُشعلاَ أيَّ ضَوء. مِن خِلالِ النَّافذتَين، يَدخلُ ضَوءٌ قَاس. لم أُهمِل ذِكرَ أنَّ المرأةَ ذَات الرِّدَاءِ الأسوَد قَد أصدَرت عَملَين أو ثَلاثةَ أعمالٍ لاَفتةٍ مِنَ الشِّعر ذِي الطَّبيعةِ الدِّينِية. حَسنًا، فالمرأةُ ذَات الرداءِ الأسود تَتحدثُ إلى الشَّاب ):

فَلأَذهَب مَعَك. يَا لَه اللَّيلَةَ مِن قَمَر!
فَالقَمَر مُفِيدٌ لِي- وَلاَ تَستَطِيع أن تقُول
أنَّ شَعرِي قَد تَحَوَّلَ إلَى الأبيَض. فَالقَمَر
سَيَجعَلُ شَعرِيَ ذَهَبِيًّا مِن جَدِيد. ولَن يُمكِنُكَ أن تَعرِفَ الفَرق.
فَلأذهَب مَعَك.

حِينَ يَكونُ هُنَاكَ قَمَر، تُصبِحُ الظِّلاَلُ فِي المَنزِلِ أكبَر،
وأيدٍ لاَ مَرئِيَّةٌ تَشدُّ السَّتَائِر،
وَأصَابِعُ شَبَحِيَّةٌ تَكتُبُ كَلِمَاتٍ مَنسِيَّةً فِي الغُبَار
عَلَى البِيَانُو- لاَ أُرِيدُ أن أسمَعَهَا. فَلتَبقَ سَاكِنَة.
فَلأذهَب مَعَك
لِمَسَافَةٍ قَصِيرَةٍ إلَى هُنَاك، حتَّى الحَائِطِ الخَفِيضِ لِمَصنَعِ القرمِيد،
حَيثُ يَنحَنِي الطَّرِيقُ وَيمكِنُكَ أن تَرَى
المَدِينَةَ الأسمَنتِيَّةَ لَكِن ذَات الهَوَاءِ الطَّلقِ، وَهيَ مَطلِيَّةٌ بِضَوءِ القَمَر،
لاَمُبَالِيَةً وَلامَادِّيَّة،
يَقِينِيَّةً كَالمِيتَافِيزِيقِيَّات،
إلَى حَدِّ أنَّكَ يُمكِنُ- فِي النَّهَايَةِ- أن تُصَدِّقَ أنَّكَ مَوجُودٌ وَغَيرُ مَوجُود،
أنَّكَ لَم تُوجَد أبَدًا، وَأن لاَ الزَّمَنَ وَلاَ تَخرِيبَه قَد وُجِدَا أبَدًا.
فَلأذهَب مَعَك.

سَنَجلِسُ بُرهَةً عَلَى الجِدَارِ المُنخَفِضِ، هُنَاكَ فِي ذَلِكَ المُرتَفَع،
وَعِندَمَا تَهبُّ عَلَينَا رِيحُ الرَّبِيع
يُمكِنُنَا أن نتَخَيَّلَ حَتَّى أنَّنَا سَنَطِير
لأنَّنِي- فِي مَرَّاتٍ كَثِيرَةٍ، حَتَّى الآن- أسمَعُ حَفِيفَ ثَوبِي
كَرَفرَفَةِ جَنَاحَينِ قَوِيَّينِ يَضرِبَان الهَوَاء؛
وَعِندَمَا تَستَغرِق فِي صَوتِ الطَّيَرَانِ هَذَا
تَشعُرُ أنَّ حَلقَكَ، وَضُلُوعَكَ، وَجَسَدَك قَد أصبَحُوا رَاسِخين؛
وَبِذَلك- وَأنتَ مَحشُورٌ بإحكَامٍ فِي عَضَلاَتِ الهَوَاءِ الأزرَق،
فِي الأعصَابِ القَوِيَّةِ لِتلكَ الأَعَالِي-
لاَ يَهُم مَا إذَا كُنتَ تَمضِي أم تَعُود،
وَلاَ يَهُم إذَا مَا تَحَوَّلَ شَعرِي إلَى الأبيَض
(لَيسَ ذَلِكَ مَصدَرَ أسَفِي، فَأسَفِي
أنَّ قَلبِي، أيضًا، لَم يَتَحَوَّل إلَى الأبيَض).
فَلأذهَب مَعَك.

أعرِفُ أنَّ كُلَّ إنسَانٍ يَمضِي وَحدَه فِي طَرِيقِه إلَى الحُب،
وَحدَه إلَى المَجدِ وَإلَى المَوت.
أعرِفُ هَذَا. وَجَرَّبتُ ذَلِك. لاَ جَدوَى.
فَلأذهَب مَعَك.

هَذَا المَنزِلُ أصبَحَ مَسكُونًا بِالأشبَاحِ، يَتَمَرَّدُ عَلَىْ.
أعنِي أنَّه أصبَحَ عَتِيقًا، مَسَامِيرُه تَتَسَاقَط،
وَإطَارَاتُ صُوَرِه تَتَدَاعَى بِسهُولَةٍ كَأنَّهَا تَغُوصُ فِي الفَرَاغ،
وَالجَصُّ يَسَّاقَطُ بِلاَ صَوت
كَسُقُوطِ قُبَّعَةِ رَجُلٍ مَيِّتٍ مِن مِشجَبِهَا فِي مَمَرٍّ مُظلِم،
كَسُقُوطِ القُفَّازِ الصُّوفِيِّ المُهتَرِئِ عَن رُكبَتَي الصَّمت
أو قُصَاصَةِ ضَوءِ القَمَرِ عَلَى المِقعَدِ القَدِيمِ، المَبقُور.

وَحَتَّى لَو كَانَت جَديدَةً ذَات يَوم- لاَ، لَيسَت الصُّوَرَ الفُوتُوغرَافِيَّةَ الَّتِي تَنظُر إلَيهَا بِارتِيَاب-
إنَّنِي أتَحَدَّثُ عَنِ المِقعَدِ، المُرِيحِ لِلغَايَةِ، حَيثُ يُمكِنُكَ الجُلُوسُ لِسَاعَاتٍ بِلاَ انقِطَاع
وَبِعَينَينِ مُغمَضَتَينِ تَحلُمُ بِأيِّ شَيءٍ عَشوَائِي
- بِشَوَاطئَ رَملِيَّةٍ، نَاعِمَةٍ، مَبلُولَةٍ، لاَمِعَةٍ بِفِعلِ القَمَر،
بَل أكثَرَ لَمَعَانًا بِكَثِيرٍ مِن الحِذَاءِ الجِلدِي القَدِيمِ المَصُونِ الَّذِي أُرسِلُه كُلَّ شَهرٍ إلَى كُشكِ الأحذِيَة،
أو شِرَاعِ قَارِبِ الصَّيدِ الَّذِي يَتَلاَشَى فِي البُعدِ، مُتَأرجِحًا مَعَ زَفِيرِه،
شِرَاعٍ مُثَلَّث مِثلَ مِندِيلٍ مَطوِيٍّ مِن قُطرِه إلَى اثنَينِ فَحَسب
كَأن لاَ شَيءَ هُنَاكَ كَي يُغَطِّيه أو يُخَبِّئَه،
أو لِيُرَفرِفَ عَلَى اتِّسَاعِه فِي وَدَاع. كُنتُ دَائِمًا مَجنُونَةً بِالمَنَادِيل-
لاَ لأحتَفِظَ بِأيِّ شَيءٍ دَاخِلَهَا وَهيَ مَعقُودة،
كَبُذُورِ الزُّهُورِ أو البَابُونجِ المَجنِيَّةِ مِن الحُقُولِ فِي الغُرُوب،
لاَ لأعقِدَهَا مِن أركَانِهَا الأربَعَةِ مِثلَ المَنَادِيلِ المُهتَرِئَةِ لِعُمَّالِ المَنزِلِ المُقَابِل نِصفِ المَبنِي،
أو لأُجَفِّفَ بِهَا عَينَيَّ- لَقَد اعتَنَيتُ جَيِّدًا بِعَينَيَّ،
وَلَم أرتَدِ أبَدًا نَظَّارَات. مُجَرَّدُ نَزوَة، تِلكَ المَنَادِيل.

أطوِيهَا الآنَ إلَى أربَع، إلَى ثَمَانِي، إلَى سِتِّ عَشرَة
بِبَسَاطَةٍ كَي تَظَلَّ أصَابِعِي مَشغُولَة. وَالآنَ أذكُر
كَيفَ أنَّنِي ظَلَلتُ أدُقُّ المُوسِيقَى فِيمَا كُنتُ أحضَرُ مَعهَدَ المُوسِيقَى
فِي رِدَاءٍ أزرَقَ بِيَاقَةٍ بَيضَاءَ، مَعَ ضَفِيرَتَينِ شَقرَاوَين
- 8، 16، 32، 64 -
مُتَشِبِّثَةً بِيَدِ شَجَرَةِ خُوخٍ صَدِيقَةٍ لِي، كُلُّهَا زُهُورٌ ذَات لَونٍ وَردِيٍّ فَاتِح،
(اغفِر لِي أفعَالِي هذِه- إنَّهَا عَادَةٌ سَيِّئَة)- 32، 64- وَعَلَّقَ أهلِي
آمَالاً كُبرَى عَلَى مَوهِبَتِي المُوسِيقِيَّة. حَسَنًا، كُنتُ أحكِي لَكَ عَنِ المِقعَد-
المَنزُوعِ الأحشَاء- يَاياتُه الصَّدِئَةُ ظَاهِرَةٌ، وَالحَشو-
كُنتُ أفَكِّرُ فِي أخذِه إلَى نَجَّارِ المُوبِيليَا المُجَاوِر،
لَكِن أينَ الوَقتُ أو المَالُ أو المِزَاج- أيُّهُم لَه الأولَوِيَّة؟–
فَكَّرتُ فِي إلقَاءِ قِطعَةِ قُمَاشٍ فَوقَه- لَكِنِّي كُنتُ خَائِفَة
مِن قِطعَةِ قُمَاشٍ بَيضَاءَ فِي ضَوءِ قَمَرٍ مِثلَ هَذَا.
هُنَا جَلَسَ هَؤُلاَء الَّذِينَ حَلمُوا أحلاَمًا عَظِيمَةً، مِثلَكَ أو مِثلِي،
وَالآنَ يَتَمَدَّدُونَ تَحتَ التُّرَابِ حَيثُ لاَ يُزعِجهُم مَطَرٌ وَلاَ قَمَر.
فَلأذهَب مَعَك.

سَنَتَوَقَّفُ بُرهَةً عَلَى قَمَّةِ السُّلَّمِ الرُّخَامِيِّ لِسَان نِيكُولاَؤُس
وَبِعدَ ذَلِكَ سَوفَ تَمضِي نَازِلاً وَسَوفَ أعُود،
مُتَذَكِّرَةً عَلَى جَنبِيَ الأيسَرَ دِفءَ مِعطَفِكَ وَهوَ يَلمَسُنِي مُصَادَفَةً،
وَحَتَّى بَعض الأضوَاءِ المُرتَعِشَةِ المُرَبَّعَةِ لِنَوَافِذَ صَغِيرَةٍ فِي الأحيَاءِ الفَقِيرَة،
وَهَذَا الضَّبَابِ الأبيَضَ النَّاصِعِ مِن القَمَر مِثلَ سِربٍ طَوِيلٍ مَن أوِزٍّ فِضِّي-
لاَ أخشَى استِخدَامَ مِثل هَذَا التَّعبِير
لأنِّي فِي لَيَالٍ رَبِيعِيَّةٍ كَثِيرَةٍ، فِيمَا مَضَى، تَحَادَثتُ مَعَ الرَّبِّ عِندَمَا تَجَلَّى لِي
مُكتَسِيًا بِغُمُوضِ وَمَجدِ ضَوءِ قَمَرٍ مِن هَذَا القَبِيل؛
وَكَم مِن شُبَّانٍ، أكثَرَ وَسَامَةً مِنكَ، قَدَّمتُهم قُربَانًا لَه
هَكَذَا، نَاصِعَةً وَمُستَعصِيَةً، تَحَوَّلتُ إلَى سَدِيمٍ فِي وَهَجِي الأبيَض، فِي بَيَاضِ القَمَر،
تُؤَجِّجُنِي عُيُونُ الرِّجَالِ الشَّرِهَةِ، وَنَشوَةُ الشُّبَّانِ الحَائِرَة،
مُسَيَّجَةً بِأجسَادٍ فَاتِنَةٍ، لَفَحَتهَا الشَّمس،
وَأعضَاء فَتِيَّةٍ تَمَرَّسَت فِي السِّبَاحَةِ وَالتَّجذِيفِ وَالسِّبَاقِ وَالكُرَةِ (رَغمَ أنَّنِي تَظَاهَرتُ بِعَدَمِ المُلاَحَظَة)
حَوَاجِبَ، وَشِفَاهٍ، وَأعنَاقٍ، رُكَبٍ، وَأصَابِعَ، وَعُيُون،
صُدُورٍ وَسَوَاعِدَ وَأفخَاذ (فِي الحَقِيقَةِ لَم ألحَظهَا)
- تَدرِي أنَّكَ، فِي بَعضِ الأحيَانِ، عِندَ الافتِتَانِ، تَنسَى مَا يَفتِنُكَ، فَافتِتَانُكَ يَكفِي-
يَا إلَهِي العَزِيز، يَا لَهَا مِن عُيُونٍ لاَمِعَةٍ كَالنُّجُومِ، وَقَد سَمَوتُ إلَى مَثَلٍ أعلَى لِلنُّجُومِ المُحَرَّمَة
لأنَّنِي، مَحَاصَرَةً هَكَذَا مِن هُنَا وَهُنَاك،
مَا كَانَ أمَامِي سَبِيلٌ سِوَى الأعَالِي أو القَاع.-لاَ، ذَلِكَ لاَ يَكفِي.
فَلأذهَب مَعَك.

أعرِفُ أنَّ الوَقتَ تَأخَّرَ لِلغَايَةِ الآن. فَلأذهَب،
لأنِّي طُوَالَ سَنَوَاتٍ كَثِيرَةٍ وَأيَّامٍ وَلَيَالٍ وَأقمَارٍ قُرمُزِيَّةٍ، ظَلَلتُ وَحِيدَة،
صَامِدَةً، وَحِيدَةً وَطَاهِرَة،
حَتَّى فِي سَرِيرِ زِفَافِي، وَحِيدَةً وَطَاهِرَة،
أكتُبُ قَصَائِدَ مَجِيدَةً عَلَى رُكبَتَي الرَّب،
قَصَائِدَ سَوفَ تَبقَى، أُؤَكِّدُ لَك، كَأنَّهَا مَنقُوشَةٌ عَلَى رُخَامٍ نَقِي
فِيمَا بَعدَ حَيَاتِكَ أو حَيَاتِي، أبعَدَ بِكَثِير. ذَلِكَ لاَ يَكفِي.
فَلأذهَب مَعَك.

لاَ أستَطِيعُ احتِمَالَ هَذَا المَنزِلِ أكثَرَ مِن ذَلِك.
لاَ أستَطِيعُ احتِمَالَ مَوَاصَلَةِ حَملِهِ عَلَى ظَهرِي.
لاَبُدَّ أن تَكُونَ مُنتَبِهًا دَائِمًا، مُنتَبِهًا لِلغَايَة
لِتَسنِدَ الحَائِطَ بِالبُوفِيه الكَبِير
لِتَسنِدَ البُوفِيهَ بِالمَائِدَة العَتِيقَةِ المُزَخرَفَة
لِتَسنِدَ المَائِدَةَ بِالكَرَاسِي
لِتَسنِدَ الكَرَاسِي بِيَدَيك
لِتَضَعَ كَتِفَكَ تَحتَ الدُّعَامَاتِ المُتَدَلِّيَة.
وَالبِيَانُو يُشبِه كَفَنًا أسودَ مُغلَقًا. لاَ تَجرُؤ عَلَى فَتحِه.
لاَبُدَّ أن تَكُونَ مُنتَبِهًا دَائِمًا، مُنتَبِهًا لِلغَايَةِ، خَشيَةَ سُقُوطِهِم، خَشيَةَ سُقُوطِك. لاَ أحتَمِل.
فَلأذهَب مَعَك.

هَذَا المَنزِلُ، رَغمَ كُلِّ مَوتَاه، لاَ يَنوِي أن يَمُوت.
إنَّه مُصِرٌّ عَلَى الحَيَاةِ مَعَ مَوتَاه
عَلَى الحَيَاةِ بَعِيدًا عَن مَوتَاه
عَلَى الحَيَاةِ عَلَى اليَقِينِ فِي مَوتِه هُو
بَل حَتَّى عَلَى إيوَاءِ مَوتَاه فِي أسِرَّةٍ وَرُفُوفٍ خَرِبَة.
فَلأذهَب مَعَك.

هُنَا لاَ يُهِم مَدَى الهُدُوء فِي سَيرِي خِلاَلَ غَبَشِ المَسَاء،
سَوَاءٌ فِي خُفِّي أو حَافِيَة،
فَسَوفَ يَصِرُّ شَيءٌ أو آخَرٌ- يُقَرقِعُ إطَارُ نَافِذَةٍ، أو مِرآة،
يُسمَعُ وَقعُ خَطًى مَا- لَيسَت خُطَاي.
فِي الشَّارِعِ بِالخَارِجِ يُمكِن ألاَّ تُسمَع هَذِه الخُطَى-
فَالنَّدَمُ، كَمَا يَقولُون، يَرتَدِي قَبَاقِيبَ خَشَبِيَّة-
وَإذَا مَا حَاوَلتَ النَّظَرَ فِي هَذِه المِرآةِ أو تِلك،
فِيمَا وَرَاءَ الغُبَارِ وَالشُّرُوخ،
فَسَوفَ تَتَبَيَّنُ وَجهَكَ أكثَرَ إعتَامًا وَتَشَظِّيًا،
وَجهَكَ، رَغمَ أنَّكَ لَم تُرِد مِن الحَيَاةِ أكثَرَ مِن أن تُبقِيهِ وَاضِحًا وَمُكتَمِلاَ.

حَافَّةُ كُوبِ المَاءِ تَلتَمِعُ فِي ضَوءِ القَمَر
كَمُوسًى دَائِرِي- كَيفَ يُمكِنُنِي أن أضَعَه عَلَى شَفَتِي؟
لاَ يُهِم مَدَى مَا أشعُرُ بِه مِن عَطَش، كَيفَ يُمكِنُنِي؟ هَل تَرَى؟
مَا أزَالُ فِي المِزَاجِ الاستِعَارِي- ذَلِكَ مَا يَبقَى لِي،
ذَلِكَ مَا يُؤَكِّدُ لِي أنَّنِي مَا أزَالُ هُنَا.
فَدَعنِي أذهَب مَعَك.

فِي بَعضِ الأحيَانِ، عِندَمَا يَحلُّ اللَّيلُ، يَتَمَلَّكُنِي الإحسَاس
بِأنَّ مُدَرِّبَ الدِّبَبَةِ يَمُرُّ خَارِجَ النَّافِذَةِ مَع دُبَّتِه العَجُوزِ النَّاعِسَة،
وَفِرَاؤُهَا مُغَطًّى بِالشَّوكِ وَالزَّعرُور،
مُثِيرَةً سَحَابَةً مِن التُّرَابِ فِي الشَّارِعِ المُجَاوِر،
سَحَابَةَ تُرَابٍ كَئِيبَةً تَصَّاعَدُ كَالبَخُورِ فِي الشَّفَق؛
وَالأطفَالُ عَادُوا إلَى بُيُوتِهِم لِلعَشَاءِ دُونَ أن يُسمَحَ لَهُم بِالخُرُوجِ مِن جَدِيد،
رَغمَ أنَّهُم يَهجِسُونَ خَلفَ جُدرَانِهِم بِالخُطَى الثَّقِيلَةِ لِلدُّبَّةِ العَجُوز،
وَالدُّبَّةُ تَتَقَدَّمُ بِتَعَبٍ فِي حِكمَةِ وَحدَتِهَا، لاَ تَدرِي إلَى أينَ أو لِمَاذَا-
لأنَّهَا أصبَحَت ثَقِيلَةً، لَم تَعُد تَستَطِيعُ الرَّقصَ عَلَى قَدَمَيهَا الخَلفِيَّتَين،
لاَ تَستَطِيعُ أن تَرتَدِي قُبَّعَتَهَا المُزَيَّنَةَ لِتُسَلِّي الأطفَالَ، وَالعَاطِلِينَ، أو هَؤُلاَء الَّذِين يَطلُبُونَ مِنهَا،
لأنَّهَا لاَ تُرِيدُ سِوَى أن تَستَلقِي عَلَى الأرض،
وَتَترُكَهُم يَقفِزُونَ عَلَى بَطنِهَا، لِتَلعَبَ بِذَلِكَ لُعبَتَهَا الأخِيرَة،
وَرَفضَهَا لِمَصَالِحِ الآخَرِين، لِلأجرَاسِ فِي مِنخَارِهَا، لاحتِيَاجَاتِ أسنَانِهَا،
رَفضَهَا لِلأَلَمِ وَلِلحَيَاة
مَع اقتِرَانٍ أكِيدٍ بِالمَوت- حَتَّى لَو كَانَ مَوتًا بَطِيئًا-
رَفضَهَا الأسمَى لِلمَوتِ مَعَ استِمرَارِ وَمَعرِفَةِ الحَيَاة
الَّذِي يَتَصَاعَدُ بِالمَعرِفَةِ وَالفِعلِ فَوقَ عُبُودِيَّتِهَا.

لَكِن مَن يَستَطِيعُ أن يَمضِي فِي هَذِه اللُّعبَةِ إلَى نِهَايَتِهَا؟
وَالدُّبَّةُ تَنهَضُ مِن جَدِيدٍ وَتَتَهَادَى،
مُطِيعَةً لِسَوطِهَا، لأجرَاسِهَا، لأسنَانِهَا،
مُبتَسِمَةً بِشَفَتَيهَا الدَّامِيَتِين لِلمَلاَلِيمِ وَالقُرُوشِ الَّتِي يَرمِيهَا إلَيهَا الأطفَالُ الجَمِيلُون الوَاثِقُون
(جَمِيلُون لأنَّهُم بِالتَّحدِيدِ وَاثِقُون)
وَهيَ تَقُولُ: شُكرًا. لأنَّ الشَّيءَ الوَحِيد
الَّذِي تَعَلَّمَت الدِّبَبَةُ الَّتِي شَاخَت أن تَقُولَه هُو: شُكرًا، شُكرًا.
فَلأذهَب مَعَك.

هَذَا المَنزِلُ يَخنِقُنِي. المَطبَخُ بِالذَّات
يُشبِه قَاعَ البَحر. غَلاَّيَاتُ الشَّاي المُعَلَّقَةُ تَلتَمِع
مِثلَ العُيُونِ الكَبِيرَةِ المُستَدِيرَةِ لِسَمَكَةٍ خُرَافِيَّة،
وَالأطبَاقُ تَتَحَرَّكُ فِي كَسَلٍ مِثلَ قَنَادِيلِ البَحر،
وَالقَوَاقِعُ وَالطَّحَالِبُ تَعلَقُ بِشَعرِي- لاَ يُمكِنُنِي انتِزَاعُهَا فِيمَا بَعد،
لاَ أستَطِيعُ الصُّعُودَ إلَى السَّطحِ مِن جَدِيد،
تَسقُطُ الصِّينِيَّةُ مِن أصَابِعِي بِلاَ صَوت- أنهَار
وَأرقُبُ الفَقَاقِيعَ تَتَصَاعَدُ مِن تَنَفُّسِي وَتَصَّاعَد
وَأُحَاوِلُ تَسلِيَةَ نَفسِي بِمُرَاقَبَتِهَا،
وَأسألُ نَفسِي عَمَّا يُمكِنُ أن يَقُولَه شَخصٌ فِي الأعلَى إذَا مَا رَأَى هَذِهِ الفَقَاقِيع-
أنَّ شَخصًا مَا يَغرِق، رُبَّمَا، أم أنَّ غَوَّاصًا يَستَكشِفُ أعمَاقَ البَحر؟

وَالحَقِيقَة أَنِّي اكتَشَفتُ فِي أعمَاقِ البَحرِ، مَرَّاتٍ لَيسَت كَثِيرَة،
لُؤلُؤًا وَمرجَانًا وَكُنُوزَ السُّفُنِ الغَارِقَة،
لِقَاءَاتٍ غَيرَ مُنتَظَرَةٍ، وَأشيَاءَ اليَومِ وَالأمسِ وَالمُستَقبَل،
تَحَقُّقًا- فِي الغَالِبِ- مِن الأبَدِيَّة،
سِحرًا مَا يَنشُرُ عَبِيرَه، وَبَسمَةً مَا لِلخُلُود، كَمَا يَقُولُون،
سَعَادَةً، سُكرًا- حَمَاسَةً حَتَّى،
لُؤلُؤًا وَمرجَانًا وَيَاقُوتًا-
فَقَط، لاَ أدرِي كَيفَ أمنَحُهُم- وَمَع ذَلِكَ أمنَحَهُم-
فَقَط، لاَ أدرِي مَا إذَا كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى تَلَقِّيهِم- وَرَغمَ ذَلِك أمنَحُهُم.
فَلأذهَب مَعَك.

لَحظَةً وَاحِدَةً إلَى أن آتِي بِسُترَتِي.
فِي هَذَا المنَاخِ غَيرِ المُستَقِر، عَلَى أيَّةِ حَال، يَنبَغِي أن نَنتَبِهَ لأنفُسِنَا.
المَسَاءَاتُ مُقبِضَةٌ، وَالقَمَر-
ألاَ تَعتَقِد، بِصِدق، أنَّه يُكَثِّفُ القُشعَرِيرَة؟
دَعنِي أُزَرِّر قَمِيصَك- كَم أنَّ صَدرَكَ قَوِي !-
يَا لَه مِن قَمَرٍ قَوِي.. المِقعَدُ، أقُولُ.. وَعِندَمَا رَفَعتُ الكُوبَ عَن المَائِدَة
تَبَقَّت تَحتَه فَجوَةُ صَمت، وَأُغَطِّيهَا بِيَدِي
حَتَّى لاَ أُحَدِّقَ دَاخِلَهَا- أُعِيدُ الكُوبَ إلَى مَوضِعِهِ مِن جَدِيد،
وَالقَمَرُ فَجوَةٌ فِي جُمجُمَةِ العَالَم- لاَ تَنظُر فِيهَا،
فَفِيهَا قُوَّةٌ مِغنَاطِيسِيَّةٌ تَجتَذِبُك- لاَ تَنظُر، لاَ تَدَع أحَدًا يَنظُر،
أنصِت لِمَا أقُول- لَسَوفَ تَسقُطُ فِيهَا. هَذَا الدُّوَار
جَمِيلٌ وَبِلاَ ثِقَل- لَسَوفَ تَسقُط-
وَالقَمَرُ بِئرٌ مِن رُخَام،
ظِلاَلٌ وَأجنِحَةٌ صَامِتَةٌ تَتَحَرَّك، أصوَاتٌ غَامِضَة- ألاَ تَسمَعهَا؟
عَمِيقٌ، عَمِيقٌ هُوَ السُّقُوط،
عَمِيقٌ، عَمِيقٌ هُو النُّهُوض،
التِّمثَالُ الأثِيرِي مُقَطِّبٌ فِي صَرَامَةٍ وَسطَ جَنَاحَيهِ المَنشُورَين،
عَمِيقَةٌ، عَمِيقَةٌ هِيَ هِبَةُ الصَّمتِ الرَّاسِخَة،
إضَاءَاتٌ مُرتَجِفَةٌ عَلَى الشَّاطِئِ الآخَر كَأنَّكَ تَتَأرجَحُ فِي مَوجَتِكَ الخَاصَّة،
تَنَفُّسُ المُحِيط. هَذَا الدُّوَار
جَمِيلٌ وَبِلاَ ثِقَل- انتَبِه، سَتَسقُط. لاَ تَنظُر إلَي،
لأنَّ دَورِي أن أتَرَنَّح- الدُّوَارُ الرَّائِع. هَكَذَا كُلَّ يَومٍ حَوَالَي المَسَاء
يُوَاتِينِي صُدَاعٌ طَفِيف، بِضعُ رُقًى سِحرِيَّةٌ مُدَوِّخَة.

كَثِيرًا مَا أهرَعُ إلَى الصَّيدَلِيَّةِ عَبرَ الشَّارِعِ مِن أجلِ أسبِرِين،
وَأحيَانًا مَا لاَ أستَطِيعُ تَكبِيدَ نَفسِي مَشَقَّةَ الذِّهَابِ، وَأبقَى مَعَ صُدَاعِي
وَأنصِتُ إلَى الضَّوضَاءِ المكتُومَةِ التِي تَصنَعُهَا مَوَاسِيرُ المِيَاهِ فِي الجُدرَان،
أو أصنَعُ بَعضَ القَهوَةِ، وَأنسَى- وَأنَا غَائِبَةُ الذِّهنِ كَمَا دَائِمًا-
فَأصنَعَ كِمِّيَّةً تَكفِي اثنَين- فَمَن الَّذِي سَيَشرَبُ الكُوبَ الثَّانِي؟
إنَّه حَقًّا شَيءٌ مُسَل؛ أترُكُهَا تَبرُد عَلَى عَتَبَةِ النَّافِذَة
أو أحيَانًا مَا أشرَبُ الكُوبَ الثَّانِي أيضًا، مُحملِقَةً مِن نَافِذَتِي فِي الإضَاءَةِ الكَهرَبَائِيَّةِ الخَضرَاَءَ لِلصَّيدَلِيَّة،
مِثلَ الضَّوءِ الأخضَرَ لِقِطَارٍ بِلاَ صَوتٍ يَأتِي لِيَرحَلَ بِي
بِمَنَادِيلِي، وأحذِيَتِي المُتنَافِرَةِ، وَحَقَيبَتِي السِّودَاءَ، وَقَصَائِدِي،
وَبِلاَ حَقَائِبَ سَفَر أبَدًا- فَمَا الفَائِدَةُ مِنهَا؟
فَلأذهَب مَعَك.

آه، هَل تَمضِي؟ تُصبِح عَلَى خَير. لاَ، لَن أجِيء. تُصبِح عَلَى خَير.
سَأخرُجُ بِنَفسِي بَعدَ بُرهَة. شُكرًا لَك، لأنَّنِي يَنبَغِي حَقًّا
أن أخرُجَ مِن هَذَا المِنزِلِ المَسكُونِ بِالأشبَاح.
لاَبُدَّ أن أُلقِي نَظرَةً عَلَى المَدِينَة- لاَ، لاَ، لَيسَ القَمَر-
المَدِينَةُ بِأيدِيهَا القَاسِيَة، مَدِينَةُ الأُجَرَاء،
المَدِينَةُ الَّتِي تُقسِمُ عَلَى خُبزِهَا وَقَبضَتِهَا،
المَدِينَةُ الَّتِي تَحمِلُنَا عَلَى ظَهرِهَا،
بِتَفَاهَاتِنَا، وَرَذَائِلِنَا، وَأحقَادِنَا،
بِطُمُوحَاتِنَا، وَجهلِنَا، وَشَيخُوخَتِنَا،
لأسمَعَ الخُطوَاتِ الكَبِيرَةَ لِلمَدِينَة
إذ لَم أعُد أسمع خُطوَاتِك،
وَلاَ خُطَى الرَّب، وَلاَ حَتَّى خُطَاي. تُصبِح عَلَى خَير.



(تُعتم الحجرة. يبدو أن سَحابةً لابُد أخفَت القَمر. فَجأةً، كأنَّ شَخصًا ما فتَح الرَّاديو في البَارِ المجاور، تَبلُغ السَّمعَ جملةٌ مألوفةٌ للغَاية. أُدركُ آنئذٍ أن هذا المشهدَ كلَّه كان مَصحُوبًا بـ"سُوناتَّا ضَوءِ القَمر"، بالجزء الأوَّل فَحَسب. لابُد أن الشابَّ يَهبطُ الآنَ المنحدرَ بابتسامةٍ مُتهَكِّمةٍ ورُبما شفُوقةٍ علَى شَفَتَيه المنحُوتَتَين، وبشعُورِ مَن تَحرَّر أخيرًا. وَما إِن يَصل إلى سَان نِيكُولاَؤُس- قَبلَ أن يَهبطَ السُّلَّمَ الرُّخَامي- حَتى يَضحَك، ضحكةً عَاليةً مُطلَقةَ العنَان. ولَن تَبدُو ضحكتُه نَشازًا تحتَ القَمرِ أبدًا. رُبما كان الشيءُ الوَحيدُ النَّاشزُ فِيهَا أَنها لَيسَت نَشازًا أبدًا. وَبعدَ بُرهَةٍ، سَيَهوِي الشَّابُّ إلى الصَّمت، سَيَتحوَّلُ إِلى شَخصٍ وَقُور، وَيقُول: "نَشَازُ عَصر". هَكذَا، سيَفتَح أَزرَارَ قَمِيصِه مِن جَدِيدٍ، وَهوَ رَصِينٌ تمامًا مَرةً أُخرَى، وَيوَاصِلُ طَريقَه. أمَّا المرأةُ ذَات الرِّداءِ الأَسوَد، فَلاَ أدرِي مَا إذَا كَانت قَد غَادَرَت المنزِلَ في النِّهايةِ، أَم لاَ. ضَوءُ القَمرِ يَلتَمعُ مِن جَدِيد. وَفي أَركَانِ الغُرفَةِ، تَتَيبَّسُ الظِّلالُ وَتتَوتَّر تحتَ وَطأةِ نَدمٍ لاَ يُحتَمَل، وَغَيظٍ غَالبًا، لاَ تِجَاه الحيَاةِ بِقَدرِ مَا هُو تجَاه اعتِرَافٍ كَان بِلاَ جَدوَى تمامًا. هَل تَسمَع؟ الرَّاديُو يُوَاصِل): (مُوسِيقَى "سُونَاتَّا ضَوءِ القَمَر").
[1] Quadro della Pinacoteca statale bavarese a Monaco / Bayerische Staatsgemäldesammlungen
Paul Kleee: “Kunst gibt nicht das Sichtbare wieder, sondern Kunst macht sichtbar” / L'arte non riproduce ciò che è visibile, ma rende visibile.
[1] Poeta egiziano d’avanguardia e fine traduttore di Cavafy, Ritsos, Baudelaire, Majakovskj


Pagina della canzone con tutte le versioni

Pagina principale CCG


hosted by inventati.org